جهاز المناعة
أيها الإخوة الكرام ...
جهاز المناعة الذي أكرمنا الله به ، والذي هو حديث الساعة اليوم في شتّى بقاع الأرض، لأن هذا المرض اللعين .. مرض الإيدز .. هو يقضي على جهاز المناعة ، فما جهاز المناعة هذا ؟
أيها الإخوة الكرام ...
في دم كلِّ منا كرياتٌ بيضاء ، عددها يزيد عن خمسةٍ وعشرين مليون كرية في أيام السلم ، يتضاعف هذا العدد في حال الإستنفار ، وقد يصل إلى مئات الملايين في حال القتال ، في أيام السلم خمسة وعشرين مليون خلية بيضاء تشكِّل بمجموعها جهاز المناعة ، أما في أيام الإستنفار والجاهزية القصوى يتضاعف هذا العدد ، أما في أيام القتال فقد يصل هذا العدد إلى مئات الملايين ، خلال فترةٍ لا تتجاوز بضع ساعات، يرتفع هذا العدد من خمسٍ وعشرين مليون ، إلى بضع مئاتٍ من الملايين في فترةٍ لا تتجاوز بضع ساعات .
لهذه الجيوش الضخمة ، سلاح إشارةٍ يعدُّ لغة التخاطب بين هذه الخلايا ، هذه الخلايا بينها اتصال ، اتصال عن طريق إشارة كيماوية ، الحديث عن هذا الجهاز المناعي يكاد لا يصدَّق .
أيها الإخوة الكرام ...
بعد ثوانٍ معدودة من اجتياز جسمٍ غريب لخطوط دفاع الجسم الأولى .. الجلد ، فالجلد خطُّ دفاعٍ أول ، ولكلِّ جهازٍ في الجسم خطُّ دفاعٍ خاصٌ به .. فإذا استطاع جسمٌ غريب أن يتجاوز خطَّ الدفاع الأول، وخط الدفاع الثاني ، ووصل إلى الدم ، ويعدُّ جهاز المناعة خطَّ الدفاع الثالث الذي أودعه الله في دم الإنسان ، ما الذي يحصل ؟
قال : هناك خلايا بيضاء .. كرياتٌ بيضاء .. من هذا الجهاز المناعي الضخم ، مهمَّتها تعقُّب هذا الجسم الغريب ، ومعرفة شفرته الكيماوية ، فإذا علمت شفرته الكيماوية ، عادت هذه الخلايا لتعطي هذه المعلومات إلى خلايا أُخرى هي الخلايا المحصِّنة ، هذه الخلايا تأخذ تركيب هذا الجسم الغريب وتصنع مضادات حيويةٍ له ، لكنَّ الخلايا التي تهاجم هذا الجسم الغريب تجزِّؤه إلى أجزاء كثيرة ، عدا شفرته الكيماوية ، تحافظ عليها ، وتنقلها كما هي للخلايا المحصِّنة كي تصنع مصلاً مضاداً لهذا الجسم الغريب .
أيها الإخوة الكرام ...
وبعد أن تصنع هذه المصول المضادة ، تنطلق خلايا من نوعٍ ثالث.. الأولى إستطلاعية ، والثانية معملية ، تصنع المصل .. لكن الخلايا الثالثة خلايا مقاتلة ، هذه الخلايا الثالثة تحمل هذا المصل المضاد وتنطلق به لتلتحم مع الجرثوم إلتحاماً مباشراً ، فإذا أنهكته وقضت عليه، تأتي خلايا ملتقمة .. بعد الحرب تمتليء ساحة المعركة بالجثث ، والمعدات التالفة ، لا بدَّ من أن تنظَّف هذه الساحة من بقايا هذه الحرب الشعواء .. لذلك تعدُّ الخلايا اللاقمة مهمّتها أن تأكل ما تركته هذه الحرب الطاحنة من بقايا جثثٍ، ومواد ، وأسلحة ، لذلك الخلايا المقاتلة تأتي وراءها الخلايا اللاقمة.. خلايا مستطلعة ، وخلايا محصِّنة ، وخلايا مقاتلة ، وخلايا لاقمة تنظِّف ساحة المعركة ..
أيها الإخوة الكرام ...
وكلُّ هذه الخلايا تتخاطب فيما بينها بأعلى درجات التنسيق عن طريق لغةٍ هرمونيةٍ كيماويّة هي سلاح الإشارة لهذا الجيش ، هذه الخلية التي يوجد منها في جسم الإنسان في الحالة الطبيعية خمسة وعشرين مليون خلية ، لا يزيد قطرها عن خمسة عشر ميكرون .. والميكرون واحد من ألف من المليمتر ..
أيها الإخوة الكرام ...
هذا جهاز المناعة هو الذي يقضي عليه مرض الإيدز ، عندئذٍ يموت الإنسان لأتفه سببٍ، أو لأقلّ مرضٍ ، أو لأقلِّ هجومٍ خارجي ، وقد عقد مؤتمرٌ في بعض عواصم البلدان الإسلامية ، درست فيه قضية الحبَّة السوداء ، التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام :
" فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً "*
( من سنن الترمذي : عن " أبي هريرة " )
وقد عجب العلماء لهذا الحكم النبوي ، كيف أن هذه الحبة السوداء فيها الشفاء ؟!
أيعقل أن تشفي هذه الحبة من كلِّ مرض ؟!!
عقد مؤتمرٌ طبي لدراسة خصائص الحبّة السوداء ، فإذا فيها خصيصةٌ كبرى وهي : تقوية جهاز المناعة في الجسم ، مادامت هذه الحبة السوداء تقوّي جهاز المناعة في الجسم ، إذاً هي التي تشفي من كل داء كما قال عليه الصلاة والسلام .
أيها الإخوة الكرام ...
هذه الحقائق التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام ليست من عنده، إن هي إلا وحيٌ يوحى ، وقد فصَّل العلماء في الوحيين .. الوحي المتلو وهو القرآن الكريم ، والوحي غير المتلوِّ وهي السنة المطهَّرة ، فقد قال سيدنا سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه :
" ثلاثةٌ أنا فيهنَّ رجل ، وفيما سوى ذلك فأنا واحدٌ من الناس .. من هذه الثلاثة .. ما سمعت حديثاً من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلا علمت أنَّه حقٌ من الله تعالى " .
* * *